آخر الأخبار

الأحد، 16 فبراير 2020

تاريخ قبيلة الزوى

تاريخ قبيلة الزوى
الأحد، 16 فبراير 2020

تاريخ قبيلة الزوى

حكاية الولي الصالح سيدي محمد بن أحمد

تاريخ قبيلة الزوى
بقلم الدكتور : عمر قلعي(باحث في الثقافة والأدب)
     إلى المرحوم: بوزيـــــــان النــــــوالي 

تاريخ قبيلة الزوى (الدكتور عمر قلعي)

نسبــه:

يمكن الحديث عن نسب سيدي محمد بن أحمد، وبناء عمود هذا النسب، اعتمادا على عدد من شجرات النسب(ثلاث) والظهائر العلوية الشريفة(أربعة)، وهي، كلها، تدل على نسبه الشريف المنيف، المتصل بفاطمة الزهراء بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غير أنها تختلف في ترتيب بعض الأجداد، أو في حذف أو زيادة بعضهم من وثيقة لأخرى. وتفاديا للغوص في تفاصيل هذه الوثائق، وما تتطلبه من التدقيق تحقيقا ودراسة، نورد نسبه الشريف اعتمادا على الشجرة الأولى. وقد ورد فيها، بعد الحمدلة والتصلية:"وهذا نسب الشرفاء الأطهار، السادات الأبرار، أبناء الولي الصالح، والسر الواضح، والطيب الفائح، المشهور المقام بأنوال، دائرة بني تجيت بإقليم فكيك، وهو: سيدي محمد بن أحمد، المكنى بغراس الخيل، بن محمد بن ناصر بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن داوود بن عامر بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الحميد بن أمامة بن عيسى بن عبد الرحمان بن علي بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن عامر بن عيسى بن سليمان بن محمد بن أحمد بن إدريس الأزهر...". وقد ورد في الشجرة الثانية ما يتم نسبه إلى علي وفاطمة الزهراء، رضوان الله عليهما، فهو:"...ابن إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن مولانا علي ومولاتنا فاطمة الزهراء ذات القدر العلي".

حيــــــاته:
ذكروا أنه كان أول أمره بفاس، ولكن حدثا ما ألم به فهاجر بزوجتيه الشريفتين، الحمرية والكنيفية، إلى الساقية الحمراء. طال تنقله من مكان إلى آخر، إلى أن حط الرحال ببلاد شنقيط، وبها ولد ابنه سيدي محمد، الذي عرف من بعد بالصحراوي وبغراس الخيل. مكث بهذه الأرض ما يقرب من أربع عشرة سنة، وقد كان ترحاله من الساقية الحمراء إليها، وإلى غيرها من البلاد، سبيلا إلى الدعوة إلى الله وإلى فعل الخير وذكر الله والتمسك بشعائر الإسلام. عاد سيدي محمد بن أحمد حتى وصل إلى "بني تجيت" فنزل بها، وهي بلدة صغيرة بين "بوعنان" و"تالسينت"، ثم غادرها متوجها إلى"أنوال" وهي قرية صغيرة توجد غرب تالسينت، على بعد حوالي أربعين كيلومترا منها، وقد سكنها قوم يعرفون ب"المصابيح"، وبها استقر إلى أن توفي، رحمة الله عليه، ودفن بها.

من شيـــوخه:
من الشيوخ الذين أخذ عنهم، سيدي أبو محمد، عبد الله الخياط، الذي جمع سيدي محمد الريفي، في نسبه ومناقبه وأشياخه وكراماته، كتابا ضخما سماه:"جواهر السماط في مناقب سيدي عبد الله الخياط". 

من ألقـــــابه:
هو "الشريف الحسني، الفقيه العالم، الولي الصالح، العارف بالله، شيخ القبائل الصحراوية بلا منازع.."، وهو :"الولي الصالح، والسر الواضح، والطيب الفائح"، وهو :"القطب الواضح".

أخــــلاقه:
كان، رحمه الله، يقابل أحباءه ومن ينصبون أنفسهم أعداءه بالكلام الطيب الهين اللين، ويبالغ في إكرامهم مما آتاه الله من الخيرات الكثيرة، وقد قال فيه محمد الريفي، في مؤلفه الموسوم ب"جواهر السماط في مناقب سيدي عبد الله الخياط"، إنه كان "خيرا فاضلا..". وقد ورث عنه أبناؤه وحفدته هذه الخصال فصاروا مضرب المثل في الكرم والجود، يكرمون الضيف والمعدم وعابر السبيل.
زهده وأماكن تعبده:
كانت له ماشية كثيرة، وخيرات أكثر، لكن ذلك لم يتنه عن ذكر الله، ولم يشغله عن الانفراد بالتسبيح له، واللجوء إليه ليلا ونهارا، فقد كان يتوجه "إلى قمم الجبال ومخابئ الأودية للعبادة والتحنث والأنس بالله، والتفكر في آياته وشؤون خلقه سبحانه وتعالى. ومن تلك المعابد والخلوات المنسوبة إليه جبل بن غراف، قرب أنوال"، وجبل رأس الركام القريب من تالسينت.


كراماته: 
"ظهرت كراماته وانتشرت معارفه الربانية بين جميع الناس، وكثر خدامه وتابعوه من شتى القبائل، حتى إن جميع تلك القبائل الصحراوية بالظهراء وغيرها أصبحت تدين له بالطاعة، كما أنهم صاروا من خدامه الأوفياء.


عقبــــه:
أكدت الروايات أن سيدي مَـحمد بن أحمد كان من عقبه أربعة أبناء، اثنان من زوجه الشريفة "الحمرية"، وهما: سيدي مَـحمد(فتحا)، المعروف ب"الصحراوي" و"بغراس الخيل في السمائم"، وسيدي أحمد، واثنان من الشريفة "الكنيفية"، وهما: سيدي عبد الله، وسيدي بوزيان الملقب ب"اكحل اللسان"، وقد "كانوا، رحمهم الله جميعا، من الصالحين الأتقياء"، إلا أن أكثرهم شهرة، لذيوع صيته وتعدد كراماته، سيدي مَـحمد(فتحا) الملقب بغراس الخيل.


من أصحــــابه:

كان صديقا لأبي الطيب الميسوري، نزيل ميسور من بلاد ملوية، ومما قاله له :"الحرث في ميسور والبركة في أنوال". وممن كانت تربطه بهم علاقة ربانية سيدي أبو القاسم أزروال، وسيدي علي بن سامح، وسيدي يعقوب دفين رشيدة..وقد كان يجتمع بهم في معبدة قرب "سِيكْتْ البَكْرَة" بجهة تندرارة.

بعض من كانوا في طاعته وخدمته:
كان بنو كيل ممن اشتهروا بالوفاء لسيدي محمد بن أحمد، وممن أخلصوا في خدمته، ودخلوا في طاعته حيا وميتا، و"لعلهم كانوا مصاحبين له حتى أثناء جولته بالصحراء الكبرى، وبقوا كذلك أوفياء لزاويته..وقد قرأت في عقد وقف له، رحمه الله، حيث حبس جميع أملاكه الكثيرة من أرض وعيون ماء وزرع وضرع على أبنائه وخدامه من بني كيل". وممن خدموه وعَمَّروا زاويته، أيضا، المصابيح، والبْرَابَرْ: (بتخفيف الراء الأولى والثانية، وهم من الرحل، الذين يتواجدون بين تندرارة ومعتركة وأنوال)، وأولاد الناصر، وأولاد الحاج، وكثير من سكان جبل دبدو.

لقبه:
قيل إن الله كشف له، وهو يتعلم آيات من القرآن الكريم، فرأى بعينيه، يقظة، كأن خيلا قادمة من جنوب الجزائر تريد أن تغير على ماشية زاوية أبيه وخدامها. وبعد مرور مدة من الزمن تحقق ما رأى سيدي مَحمد، فقد وصل عدد كبير من الفرسان إلى ضاحية أنوال، وعزموا على نهب وسلب أموال الزاوية وخيراتها، لكن الله لطف بأهلها، فقد أشار سيدي محمد بن أحمد إلى ابنه سيدي مَحمد أن يضرب بشيء، كان في يده، الأرض داعيا الله تعالى أن تغوص قوائم الخيل في التراب حتى الأعناق، فكانت مشيئته عز وجل أن يستجيب لعبده. 
أصيب القوم بالهلع والفزع، وعلموا أن الأمر بيد الله يصرفه كيف يشاء، وفهموا أن من أرادوا نهب زاويته وماشيته ورزقه واستعباد خدامه، هو ولي من أولياء الله الصالحين، وواحد ممن يحفظهم الله وينصرهم، وييسر لهم أمور دينهم ودنياهم.
صاح القوم وأعلنوا توبتهم من جرمهم، ووعدوا الله أن يكفوا أيديهم عن أدى المسلمين، وأن يصبحوا مسالمين، سباقين إلى الخير، دالين عليه. وقد قضت حكمة الله أن تنجو الخيل وأهلها، ثم إن سيدي محمد بن أحمد قد أكرم ضيافتهم ثلاثة أيام قبل أن يأذن لهم بالعودة إلى أهلهم راشدين. وقد أصبح هؤلاء من أتباعه الأوفياء، ومن أتباع زاويته من بعده حتى قيل إنهم جعلوا لهم زاوية تابعة له، لا تزال تعرف إلى اليوم، تعرف ب"الزاوية الكحلة" بجنوب الجزائر. وتجدر الإشارة إلى أن لقب "غراس الخيل" هذا لازم الأب(سيدي محمد بن أحمد)، والإبن(سيدي مَحمد) عند حفدتهما، والله أعلم.
أما العلامة سيدي محمد الريفي فذكر في "جواهر السمط" رواية أخرى، مخالفة تماما للأولى، تقول إن جماعة من العرب تسمى "بني كيل"(بالكاف المعقودة) استجاروا بالشيخ، طالبين حمايته، من جماعة أخرى أراد أصحابها قتالهم ونهب أموالهم، وقد كانوا يفوقونهم عددا وعدة. وقد قيل للهاجمين إن بني كيل في جوار سيدي محمد بن أحمد، لكن ذلك لم يثنهم عن غيهم، ولم يحسبوا للرجل قيمته وقدره، وعندما قرب التقاء الطرفين شاء الله أن تغرس خيل العدو في الرمل، بموضع على ضفة وادي أنوال، فلم يظهر من بعضها إلا الرأس من الجسد، وكانت عاقبتهم الموت عن آخرهم. 

وفـــــاته:

لم أقف على تاريخ وفاة الولي الصالح، سيدي محمد بن أحمد، ولكن إشارات كثيرة تجعلنا نقول إن وفاته كانت في أواخر القرن العاشر الهجري، أو بداية الحادي عشر. ومن ذلك أن ابن عسكر الحسني الشفشاوني (ت986هـ)، صاحب كتاب "دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر"، حين ترجم لأبي الطيب الميسوري قال عنه:"وهو في قيد الحياة"، وقد كان أبو الطيب هذا صديقا وفيا لسيدي محمد بن أحمد. ويضاف إلى هذا أن مترجمنا كان معاصرا لعدد من علماء وصلحاء المنطقة، ممن كانت تربطه بهم علاقة ربانية، كسيدي أبي القاسم أزروال، وسيدي علي بن سامح، وسيدي يعقوب دفين رشيدة..وهؤلاء من أعلام القرن العاشر الهجري.

tribuzwa
#Tribu_Zwa
full-width