العمامة الزاوية (الرزة )
الرَزَّة الزاوية: تعريفها،مكانتها و دلالاتها
سعيا منا الى جعل Tribu Zwa منارة ثقافية ومنبرا علميا فإننا نعمل جاهدين على طرح العديد من المواضيع و خاصة منها تلك التي تسهم في إثراء جانب من الجوانب الدقيقة التي تمس الأعراف والعادات الاجتماعية في مناحي من حياة قبيلة الزوى كتلك المرتبطة بالزي مثلا، وبالرغم من قلتها الا اننا نقدم أنماطاً ومظاهر محددة تشكل سياقات ثقافية مهمة تفتح أبواباً من المعرفة لا حدود لها لفهم القبيلة وعاداتها الاجتماعية،
إن الحديث عن "الرَزَّة " الزاوية كرمز القبيلة، يجرنا بالضرورة الى اعطاء لمحة ولو مختصرة عن القبيلة في اطار مقدمة للموضوع.
تقديم :
تعد قبيلة الزوى واحدة من القبائل العربية الشريفة حيث يعود نسبها الى سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي ...و الى ادريس الاكبر مؤسس الدولة الادريسية بالمغرب ...و الى رمز القبيلة الولي الصالح سيدي محمد بن احمد دفين مدينة انوال.عاش ابناؤه بعد وفاته عيشة البدو الرحل و تنقلوا بين انوال و الظهراء و الكعدة وصولا الى مدن : دبدو ،تاوريرت،وجدة،جرادة،تويسيت،كرسيف....و الى خارج المغرب(فرنسا،هولندا،بلجيكا،اسبانيا...) مع بداية النصف الثاني من القرن 20.لقد تميزت القبيلة بتقاليدها وعاداتها في مختلف مناحي الحياة ...كما هو الامر بالنسبة للملبس حيث تميز اللباس الزاوي بطابعه الخاص يستمد رونقه من الزي العربي التقليدي من عمامة(رزة) و جلباب و سلهام بالنسبة للرجل و الفولارة ولمشد و الليزار(الغنسة) و البلوزة و الحايك و اللثام ....بالنسبة للمرأة.
الرَزَّة (العمامة)
تعريفها : الجمع : رزَّات و رُزَز
وضع الزاوي رَزَّةً علَى رَأْسِهِ : عِمَامَةً مِنْ ثَوْبٍ طَوِيلٍ تُلَفُّ عَلَى الرَّأْس و يجعلها طبقات فوق بعضها البعض مما يجعل شكلها الخارجي عبارة عن دوائر ملفوفة حول الرأس بإتقان و تمثل الرزة الزاوية زيا متميزا في كل مكان، فهي تقليد إسلامي قديم، ويصل طولها إلى مترين ونصف كأقصى تقدير، وهي مع الجلباب تمثل الزي الزاوي منذ أمد بعيد.وقيل قديما إن العمامة تاج العرب، ومن هذا المنظور اشتهر افراد القبيلة بلبس الرزة، فهي مكملة للجلباب، فهما الزي الزاوي الأول للرجل منذ القدم، حيث كانت الرزة حاضرة في كل المناسبات الرسمية والشعبية كزي زاوي مميز للشخصية الزاوية.
ألوان_الرزة:
نعرف من ألوان العمائم لدى قبيلة الزوى لونين متميزين ، هما اللون الأبيض و الأصفر(الشاش)
الرزة البيضاء بحكم مايحمله اللون الابيض من حمولة دينية حيث كانت شائعة في صدر الإسلام، وكانت الملابس البيضاء عامة مرغوبا فيها في الإسلام جاء في الحديث أن الرسول قال :”البسوا البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها أمواتكم”. وقد لبس كثير من الصحابة الرزز البيضاء تأسياً بالرسول ..
لهذا فإن افراد قبيلة الزوى اعطوا اهمية بالغة للرزة البيضاء سيرا على نهج السلف الصالح و يعد من يرتديها بيضاءا نقية سيد القبيلة و صاحب همة وشان ...
اما الرزة الصفراء وهي ماتسمى عند قبيلة الزوى بالشاش فقد كان يلبسها الفلاحون واصحاب الغنم اثناء العمل و شيوخ الموسيقى فيما بعد ...
مكانة_الرزة_وفوائدها:
سئل أبو الاسود الدؤلي عن العمامة وفوائدها، فأجملها في قوله: “جُنَّة في الحرب، ومَكَنَّة في الحرّ، ومدفأة من القرّ، ووقار في النَّدِيّ، وواقية من الأحداث، وزيادة في القامة، وهي بعد عادة من عادات العرب.فقد اجمل في قوله لكن هناك فوائد أخرى للرزة عند قبيلة الزوى، وهي أن الزوى كباقي القبائل العربية كانوا يشدون بها أوساطهم عند المجهدة في الحصاد مثلا والعمل الشاق،وكانت تستعمل لتكتيف العدو أو الاسير وكانت تستعمل كذلك ضماضة ورباطا للحد من تسرب السموم الى الجسم عندما يتعرض الانسان للسع، وبقيت الرزة موضع عناية واهتمام وإجلال افراد الزوى حتى العصور المتأخرة،حيث تطاول عليها البعض و ربطوا بينها وبين الجهل و التخلف وهم غافلين او متغافلين على ان الجهل مصدره العقل وليس اللباس الذي على الاجساد...
كيفية_لبس_الرزة:
وضع الرزة العادي: وهو مايسمى عند العرب ب #اعتجار :
وهو لف الرزة دون التلحي( أي دون ان يضعها تحت ذقنه وهو مايصطلح عليه عند الزوى بالحواق)، لواها على رأسه ولم يسدلها( أي يلويها كاملة على رأسه ولا يترك منها اي طرف متدلي).
وروي أن النبي (ص) دخل مكة يوم الفتح معتجراً بعمامة سوداء أي أنه لفها على رأسه ولم يتلحَّ بها.
-الحواق او يسمى عند العرب بالتلحي:
وهو لف جزء من الرزة تحت الذقن حيث يتلحى بها الزاوي، كانت و لا زالت رزة الزوى محنكة أي طرف منها تحت الحنك، وما يكون منها تحت الحنك يسمى "الحواق"
- التلثم:
التلثم بالرزة إدارتها تحت الحنك، ثم تغطية الفم أو الوجه بجزء منها فتكون لثاما أو قناعا
وقد بقي التلثم بالرزة لدى الزوى بخاصة سكان البادية، ولا شك أن لهذا صلة بحياتهم وبيئتهم، فهم يتعرضون لوهج الشمس وريح السموم والغبار وشدة البرد في الشتاء،والغبار(النبغة) عند الدراس(مرحلة الاخيرة من مراحل جني محصول الحبوب) أو عند اظهار الحبوب من المطمورة...
رمزيتها_عند_القبيلة:
للرزة رمزية ومكانة خاصة في نفوس افراد قبيلة الزوى ،فبالاضافة الى اهميتها ومكانتها من حيث الاستعمال كما اشرنا في محور سابق(مكانة_الرزة_وفوائدها) فإن لها دلالات اخرى من قبيل :
- سقوطها من الرأس عنوة يعد اذلالا لصاحبها
-اذا كانت غير مرتبة فوق الرأس(مصرصمة) تدل على ان صاحبها في شقاء
-يستعملها الزاوي في طلب امر ما من القبيلة او من الجماعة او من فرد أخر من القبيلة بوضع رزته أمامهم ها (العار) لما لها من قدسية في عقلية افراد القبيلة
-يضع الزاوي رزته في بعض الاحيان مائلة خاصة في بعض المجالس دليلا على سعادته وانشراحه
- اذا كانت الرزة بيضاء و نقية و ملفوفة على الرأس بطريقة جيدة دليل على النعمة (بانت عليه النعمة).
وغير ذلك من الدلالات ...
خلاصة القول فإن قبيلة الزوى هي امتداد تاريخي و طبيعي للقبائل العربية منذ القدم باعتبارها واحدة من القبائل العربية التي حافظت الى وقت قريب على العادات والتقاليد المميزة للعرب ومنها الرزة كرمز للعروبة حيث قيل فيها "العمامة تاج العرب"
كما ذكر عن الرسول الله عليه وسلم في حديث هارون بن إسحاق الهمداني قال: حدثنا يحيى بن محمد المدني، عن عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه» قال نافع:«وكان ابن عمر، يفعل ذلك» قال عبيد الله:«ورأيت القاسم بن محمد، وسالما يفعلان ذلك.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعتمُّ ويجيز المسح على العمامة ويقول: "من لم يطهّره المسح على العمامة فلا طَهَّرهُ الله" وهو القائل: "العمائم تيجان العرب"
وقال الفرزدق في وصف غضب مالك :
إذا مالكٌ ألقَى العِمَامَةَ فاحْذَرُوا
بَوَادِرَ كَفَّيْ مَالِكٍ حِينَ يَغْضَبُ
فَإنّهُمَا إنْ يَظْلِمَاكَ، فَفِيهِمَا
نَكالٌ لِعُرْيانِ العَذابِ عَصَبْصَبُ
وقال الشاعر فارس من رجال بني تميم :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
متى اضع العمامة تعرفوني
ابن جلا هنا يعني السيد الأريب الشريف العالي المقام واذا قلنا جلا الأمر فالمعنى بيّن الأمر ووضحه وكشفه وأمر جلا معناه: امر واضح اما طلاع الثنايا فهو ايضا السيد الأبي الشريف الجلد النافذ البصيرة،
وهذا البيت الشعري هو الذي تمثل به الحجاج بن يوسف على منبر الكوفة في اول خطبة له.
Tribu_Zwa