مهن انقرضت في الزمن الحالي
مهنة البرّاح واحدة منهم
بدأت المهن القديمة النابعة من عمق المجتمع المغربي تندثر وأخرى في طريق الزوال نظرا لعدة عوامل، ولم يعد للمواطن المغربي حاجة لها بسبب الحداثة والتطور وانفتاح السوق المغربية الى درجة استيراد كل شيء، مما خنق روح المهن الصغيرة التي لم تعد مصدر الدخل.
كان للأسواق الشعبية حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، نفس خاص وحيوية تنبعث من كل مكان وزاوية تستيقظ على صوت قوي ينبعث من حنجرة رجل كهل عادة ما يكون طويل القامة يرتدي زيا تقليديا يجوب السوق ويعلن عن مناسبة زفاف أو جنازة أو يعلن عن ضياع شيء ثمين لأصحابه، إنه صوت البرّاح الذي يتقاضى في ذلك الوقت 5 دراهم أو أكثر بقليل عن كل خبر مقابل أن يجول كل أركان السوق ثم يخرج الى الشوارع الرئيسة ويعلن للناس البشرى أو الحزن. وكان لكل بلدية أو قرية في المغرب برّاح مهنته صوته القوي الذي يصل مسامع أكثر عدد من السكان. فكان في مدينة دبدو مثلا "عبد الرحمان البرّاح"رحمه الله ....
منذ عشرين سنة تقريبا، لم نعد نرى هذا الشخص (البرّاح) الذي كان عمود الأسواق الشعبية وباتت هذه المهنة في طي النسيان وفقدت الاسواق الشعبية وهجها وروحها وكان للبراح فضل كبير في العثور على الاطفال التائهين وسط زحمة السوق وإعادة المفقودات لأصحابها من غنم أو بهائم أو مال أو ذهب أو وثائق أو حتى مفاتيح بيت أو سيارة.
إنها المهنة التي اندثرت تماما في جل ربوع الوطن، بعد أن فقد البرّاح الحياة لكبر سنه ولم يرضى افراد عائلته أن يسيروا على خطى والدهم، نظرا لتغير نمط الحياة. وباتت إعلانات الزفاف والوفاة والضياع تصدر في إعلانات الجرائد،و المواقع الإجتماعية..... فأصبحنا أكثر قربا من بعضنا ماديا و لكن بعيدين روحيا..... فلا حاجة لحنجرة البراح في ظل هذه التحول المجتمعي..
Tribu_Zwa