آخر الأخبار

الثلاثاء، 18 فبراير 2020

مظاهر التفكير الخرافي بقبيلة الزوى

مظاهر التفكير الخرافي بقبيلة الزوى
الثلاثاء، 18 فبراير 2020

مظاهر التفكير الخرافي بقبيلة الزوى



   لكل مجتمع ثقافة شعبية تصنعها أفراده، و تراثا يزخر به يجعل كلّ من ينتمي إليه يفاخر به ويتغنى به، لكن قلّما نجد من يقف ازاءه متبصّرا، ينقّب عن زلّاته وهفواته، هذا بسبب البعد الثّقافي أو الاجتماعي أو النّفسي الذي يخلّفه التّراث في كنه أي إنسان مهما كانت انتماءاته وتوجّهاته.

قبيلة الزوى واحدة من القبائل المغربية  العربية التي تزخر بثقافة شعبية غزيرة ومتنوعة بمركّباتها المختلفة، من تراث شعبي وقيّم وأخلاق وعادات وتقاليد وأنماط سلوكية وإبداعات، ولا نعتقد أنّنا نبالغ إذا قلنا إنّ تراث القبيلة  تراث غنيّ من حيث الكيف والكمّ، فمن حيث هذا الأخير، فهو يملك كمّا هائلا من الأمثال والحكم والأزجال والحكايات، والفنون الشّعبية في مجالات عديدة ومختلفة رغم أنها لم تحضى بالعناية الكافية بجمعها و توثيقها،  مثل: الرّقص والغناء واللّباس والطّعام والصّناعات اليدوية وغيرها.
والثقافة الشعبية هي عصارة فكر وتجربة، وحصيلة تاريخ طويل من التّفاعل بين الإنسان وبيئته الجغرافية، وكلّها موروثات معظمها لا يزال حيّاَ ومتداولا حتّى اليوم، يعملون بعفوية تامّة على ترسيخها وتأصيلها في نفوس الأجيال وعقولهم، وهذا ما يدلّ على أنّ التّراث والتّاريخ قادران على الحفاظ على شخصية وهوية الإنسان رغم متغيّرات العصر. أمّا من حيث الكيف، فتتميز القبيلة بما يتميّز به التّراث المغربي عموما من أصالة وذوق خاصّ، وحسّ إنساني عالٍ، ومشاعر غزيرة، والتأقلم مع الظّروف والانفتاح على الآخر.

لكن الافتخار بهذا التّراث الزّاخر والمتميّز لا يمنعنا بأي حال من الأحوال أن نقف عند سلبياته، التي يمكن أن نجملها في نقطة سوداء، وهي أنّ هناك نزعة نحو المعتقدات الخرافية، فالخرافة تلعب دورا كبيرا في حياة أفراد القبيلة  بشكل كبير، ليس فقط باعتبارها جزءا من الموروث الشعبي، وإنّما لتحكّمها وسيطرتها أيضا على نمط تفكيرهم وتعاملهم مع البيئة والظّواهر المحيطة بهم.
ونحن هنا Tribu Zwa لا نقصد الخرافة كعالم خيالي أو أسطوري الذي تنسجه حكايات وقصص الجدات في ليالي السّهر والسّمر، وإنّما الخرافة المعطّلة للعقل والعقلية العلمية التي تشمل ممارسات الشّعوذة والدّجل والتّنجيم، وتعاطي السّحر والتّطير والإيمان بالأشباح والاعتقاد في الأموات والأولياء وفي بعض الحيوانات، وما إلى ذلك من مئات الخرافات التي تسيطر على عقولنا ونؤمن بها، بل وتتحكّم في حياتنا بالرّغم من التّطوّر العلمي ودخول معطيات التكنولوجيا في مفردات التّعامل اليومي للنّاس.

وإنّنا مهما حاولنا(Tribu Zwa) أن نشمل استيعاب هذا المخزون الشعبي الخرافي بأكمله، فإننا لا نستطيع ذلك لكثرة تشعّبه وتوسّعه، ولأنّه يصعب الفصل بين العادات والتّقاليد، وبين المعتقدات؛ إذ المعتقد يخصّ الجانب الدّيني والرّوحي والسّلوكي الخاصّ بتفكير النّاس، وبالتّالي يصعب الفصل بين السّلوك العملي وبين ما يفكّر فيه هؤلاء وما يعتقدون به.

وعلى أيَّة حال فسنركّز هنا على أهمّ وأبرز المعتقدات الخرافية في الموروث الحياتي لبعض افراد القبيلة، نقول بعض الافراد لأنها بدأت تتلاشى في اوساط الشباب-ومنها:

1- بعض المعتقدات الشائعة إزاء بعض الحيوانات:

- البومة (موكة): يتشاءم النّاس من البومة سواء شاهدوها أو سمعوا نعيبها، فهي دلالة عن سماع خبر وفاة.

- الغراب: هو مثل البومة يعتبره النّاس نذير شؤم نظرًا لصوته وشكله القبيح. وما إن يشاهده أحد من العامّة حتى يستعيذ بالله خوفًا من مصيبة قادمة خصوصًا إذا نعق أمامه.

- القطُّ الأسود: لا بدَّ من الحذر منه وتجنُّب إيذائه، فهو جنيٌّ في صورة قطٍّ.


2- بعض المعتقدات الغـيـبـيـة الشّائعة:

هي كثيرة جدّا ويصعب حصرها فمثلا:

- الجريح : وهو عدم المساس بلحم شاة العيد في اليوم الاول من عيد الاضحى

- الكتابة على الارض تنبئ بحصول دين 

-  بعد خروجك من السكن و تذكرك لشيء ما و رجعت مسرعا وجب عليك شرب كاس ماء او أكل تمرة او سكرة ..

- اذا علقت أشفار عينيك خشة معناه مجيء الضيف

- حكُّ الكفِّ: إذا حكَّ المرء الكفَّ الأيسر فمعنى ذلك أنه سيصرف مالا، وإن حكَّ اليد اليمنى فإنّه سيقبض مالا. أو ربّما العكس عند أخرين.

- حكُّ القدمين: يدلُّ على سفر أو ركوب مركب.

- تحريك المقص في الهواء وكأنك تودُّ قصَّ شيء: فهذا الفعل مستهجن لأنّهم يعتقدون أنّ ذلك سيجلب فتنة بين أهل البيت، فيؤول الأمر بهم إلى تفرقتهم وقطع العلاقات بينهم.

- تناثر العجين من بين اليدين أثناء عجن الخبز: فذلك نبأ عن حلول زوار أو ضيوف، والعجين الذي تطاير من القصعة هو من نصيبهم.

- وقوع عصابة(فولارة) المرأة: فذلك يُنْبِئ بأنَّ هنالك من يتحدّثون عنها في غيبتها، سواء بالخير أو بالشرّ.

- رفيف الأجفان العلوية: إذا اهتزَّ أحد الجفنين بصفة متواصلة فهو يُنْبِئ عن قدوم شخص طال غيابه.

- سقوط اللّقمة من اليد: فهذا نبأ عن مكروه سيقع أو خبر سيِّء سيأتي.

- إذا لبس أحدهم شيئا من أغراضه مقلوبا: فهذا يُنْبِئ على أنَّه سيلبس شيئا جديدا.

- النداء وراء المغادر يجلب له النحس 

- زيارة العائلة بعد تقديم العزاء لعائلة اخرى  يتشاءم منه بعد افراد القبيلة

- حذاء مقلوب او فردة فوق فردة تعني الرحيل 

- قول نفس الكلمة من طرف شخصين في نفس الوقت معناه ان هناك من يتكلم عنهم في الغيب  

والغريب في الامر ان هاته الخرافات اصبحت ملازمة للفرد بشكل كبير واصبحت جزء من حياته وانتقلت من التشاءم من رؤية الحيوانات والطيور المذكورة اعلاه الى التشاؤم من رؤية الغير والذي يسمى منحوسا إما من خلال شكله ولونه أو حالته الاجتماعية او من خلال التجربة أي حالة العود ان صحة التعبير(مثال : 
"هاد بنادم وقت ما تلاقيت به او صبحت عليه توقع لي شي حاجة... 
"كي لغراب تفو، باسم الله الرحمان الرحيم" ...
"شكون هاد المنادي" ....) 

أخيرا يجب التّحذير من خطر انتشار واستمرار مثل هذه الخرافات، لأنّ مثل هذه العقلية تساهم في تبلّد التّفكير وتُعطّل العقل، وتكبّل الجهود والأعمال للانطلاق واللّحاق بالرّكب الحضاري، وهو ما يفسّر ما نعاني منه اليوم من التخلّف في مجتمعنا ككل. وعليه وانطلاقا من الدّور الفعال الذي يلعبه التّراث في صياغة الشّخصية الوطنية، وصقل الهوية وبلورتها لأي مجتمع  من المجتمعات وجب علينا نخل هذا التّراث وتصفيته من الأساطير والخرافات المثقل بها.