وطنية قبيلة الزوى
دورها في الدفاع عن وحدة المغرب و استقراره عبر التاريخ
تعد قبيلة الزوى من القبائل المغربية التي ساهمت بدورها في الدفاع عن وحدة المغرب و استقراره عبر التاريخ ،مثلها مثل باقي القبائل الاخرى،انطلاقا من زاوية سيدي محمد بن أحمد في حقبة زمنية معينة و دورها الهام آنذاك و مرورا بعدة وسائل و أشكال رسمية و شبه رسمية مثل نظام القائدية الذي ساد خلال فترة من تاريخ المغرب و وصولا الى اشكال و محطات نضالية في فترة الاستعمار الفرنسي والاسباني لاراضي المملكة،كل ذلك كان لقبيلة الزوى نصيب منها.لهذا حاولت بصفتي واحدا من القبيلة و كأدمين لصفحة Tribu Zwa أن استجمع جميع المحطات التي برز فيها دور القبيلة في هذا الموضوع المتواضع،بحيث سأتطرق الى المحاور التالية :
1- دور زاوية سيدي محمد بن احمد في الحفاظ على مقومات الوطن
2- دور شخصيات القبيلة في الدفاع عن الوطن من داخل المؤسسات الرسمية و القايد ادريس بلعسري نموذجا
3- مشاركة بعض الشرفاء الزوى في حرب العالمية الثانية و حرب الهند-الصينية ،سي محمد بيضي المخازني و قدور كرزازي ولد بوفلجة كنموذجين.
4- الزوى و ثورة الملك والشعب :
5- مشاركة بعض افراد القبيلة سلميا(المسيرة الخضراء) و عسكريا(ضد مرتزقة البوليزاريو) من أجل تعزيز وحدة المغرب بعد الاستقلال
6- مواصلة حفدة سيدي محمد بن احمد المشوار على نهج السلف الصالح خدمة للوطن
1- دور زاوية سيدي محمد بن احمد في الحفاظ على مقومات الوطن :
على امتداد تاريخ المغرب ظهرت الرباطات والزوايا فاعلا أساسيا في صنع الأحداث وتوجيهها والتأثير فيها، وقامت بـأدوار كبرى دينية وعلمية واجتماعية وسياسية، ساهمت في تأطير المجتمع بتدريس العلوم الشرعية واللغوية، وتربية المريدين على سلوك شعب الإيمان ومقامات الإحسان، وإيواء المحتاجين وإطعامهم، وحل النزاعات بين القبائل والأفراد، كما لعبت دورا كبيرا في تحديد التوجهات الكبرى للخيارات السياسية في البلد وهذا ما سارت عليه زاوية سيدي محمد بن احمد الملقب بغراس الخيل فالصمايم حيث ذكر بعض الباحثين على قلتهم انه كان، رحمه الله، يقابل أحباءه ومن ينصبون أنفسهم أعداءه بالكلام الطيب الهين اللين، ويبالغ في إكرامهم مما آتاه الله من الخيرات الكثيرة، وقد قال فيه محمد الريفي، في مؤلفه الموسوم ب"جواهر السماط في مناقب سيدي عبد الله الخياط"، إنه كان "خيرا فاضلا..". وقد ورث عنه أبناؤه وحفدته هذه الخصال فصاروا مضرب المثل في الكرم والجود، يكرمون الضيف والمعدم وعابر السبيل اذا افترضنا ان جدنا سيدي محمد بن احمد عاش في القرن العاشر هجري كما تدل على ذلك بعض الاشارات المستوحات من كونه رحمه الله تتلمذ على يد عبد الله الخياط الذي توفي سنة 939 هجرية و كذلك انه عاصر مجموعة من المشايخ الذين عاشوا في تلك الفترة و منهم ابي الطيب الميسوري و سيدي يعقوب دفين ارشيدة و ابو القاسم ازروال ...
خلال هاته الفترة اي القرن العاشر الهجري، تقوت سلطة الزوايا أمام سلطة الدولة ممثلة في دولة بني وطاس التي كانت عاجزة أمام مشكلات المجتمع الداخلية والخارجية، فتحول دور الزوايا من مؤسسات للتعبد والتحصيل والإيواء، إلى مؤسسات للجهاد والدفاع عن الثغور الإسلامية. يقول الأستاذ عبد السلام غيلان: تطور أمر الزوايا خلال القرن العاشر الهجري، حيث تغلب المسيحيون على المسلمين في الأندلس وساموهم سوء العذاب، ثم امتدت أطماعهم إلى احتلال الثغور المغربية، وضعفت الدولة الوطاسية عن الدفاع عن حوزة الوطن، وهناك بدأت الزوايا تتدخل في شؤون البلاد السياسية، وتدعو إلى الجهاد ومقاومة الأجنبي، ووجد الصوفية آذانا صاغية، فهب الشعب يذود عن الحمى وحمل السلاح مع رجال الدين الصوفيين فقادوه إلى النصر على البرتغال)
من خلال تاريخ هاته الاحداث و دور الزوايا فيها وكذلك تزامنها مع اهم فترة عرفتها زاوية سيدي محمد بن احمد نظرا لانه كان حيا في تلك الحقبة الزمنية،يظهر دور زاويتنا في تأثيث المشهد السياسي و الاجتماعي و الديني آنذاك و حصولها على عدة ظهائر شريفة بعد ذلك اعترافا بها و بنسبها الشريف من لدن سلاطين المملكة المغربية عبر التاريخ ...
2- دور شخصيات القبيلة في الدفاع عن الوطن من داخل المؤسسات و القايد ادريس بلعسري نموذج
يقدم لنا القائد ادريس بلعسري(1915_1990) رحمه الله صورة نموذجية عن القائد المغربي بكل مظاهره الاجتماعية،وتفاعله ،واندماجه الكلي في السياق الاقتصادي والسياسي الذي طبع المجتمع المغربي خلال النصف الأول من القرن العشرين.لقد تمكن من بناء سلطته استنادا على أسرته التي توارثت الخدمة المخزنية انطلاقا من والده عبد السلام بلعسري رحمه الله،وبحكم طبيعته القبلية المحاربة.ساهم بفعالية في التحولات التي عرفتها القبيلة، وأظهر ذكاء وفطنة في التفاعل مع الأحداث،وحدسا في التنبؤ بالتحولات. إن السلطة فعالية إنسانية،وسيرورة تتداخل فيها عوامل متعددة،يمكن للنموذج القائدي أن يكشف لنا عنها من خلال مكانته داخل قبيلة الزوى،وعلاقته مع مؤسستي المخزن والاستعمار،لأنه انطلق من العشيرة والقبيلة ليكسب اعتراف المخزن،ودفع القبيلة إلى التفاعل مع محيطها الخارجي اقتصاديا وسياسيا.انه لا يختلف كثيرا عن بقية النماذج القائدية الأخرى على مستوى الأسس السوسيو-ثقافية،أو المظاهر الاجتماعية ،وفي ظل انعدام المراجع التي تؤرخ لمثل هذه الاحداث والشخصيات التاريخية المتعلقة بقبيلة الزوى، كان لزاما على صفحة Tribu Zwa القيام بمحاولة جمع المعلومات ممن عاصروا القائد او سمعوا عنه،فكان لنا ما أردنا من خلال تعليق لإبن أخيه يحيى بلعسري الذي قال :
"كان رحمة الله عليه من أعيان القبيلةوالمنطقة ككل.
كان يشهد له الجميع بالشهامة و الكرم وحسن الخلق والعدل.
ولعل أهم ما يذكر عنه في موضوع مساهمته في إرساء دعائم الدولة المغربية المعاصرة هو تقديمه وثيقة موقعة بإسمه لسلطات الحماية آنذاك تعببرا عن احتجاجه لنفي الملك الراحل محمد الخامس .
ثم أنه رفض التوقيع على تنصيب ابن عرفة فعرضه ذلك وعرض أسرته وخاصة أخويه الحاج محمد والحاج المصطفى لمضايقات ومحن شديدة .
لكن فور حصول البلاد على استقلالها اعترفت له "الحركة " بهذه المجهودات النبيلة وسلمت له وثائق عديدة اعترافا وامتنانا له بذلك.
نسأل الله العلي القدير ان يرحمه ويغفر له ويكرم نزله."
ومايقال عن القائد بلعسري قد ينطبق الى حد ما عن الشيخ احبيد العاشوري رحمه الله مع شيء من الاختلاف من ناحية الوظيفة الموكولة لكل واحد منهما،
3- مساهمة عناصر من قبيلة الزوى كعسكريين في الحرب العالمية الثانية و حرب الهند الصينية
مباشرة بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية يوم 03شتنبر 1939 دعى السلطان محمد الخامس الشعب المغربي إلى مؤازرة فرنسا ماديا وعسكريا إيمانا منه بقيم السلم والتحرر والسيادة و انحيازا الى فرنسا و دول الحلفاء في مواجهة دول المحور( المانيا النازية و ايطاليا الفاشية ...) حيث تم تجنيد اكثر من 40 الف جندي مغربي في الدفعة الاولى و 300 الف جندي في الدفعات المتتالية ولقد كان من بينهم جنود من قبيلة الزوى نذكر منهم : سي محمد بيضي المعروف بالمخازني و قدور كرزازي ولد_بوفلجة رحمهما الله و هما على سبيل المثال لا الحصر ..،و بهذه المشاركة تكون قبيلة الزوى قد ساهمت الى جانب باقي القبائل المغربية في جبهات مختلفة إلى جانب الحلفاء حيث تنقل الجنود المغاربة من المغرب مرورا بتلمسان باتجاه تونس ثم الى فرنسا فنجحوا بشجاعتهم وبسالتهم الحربية النادرة،في تحرير عدة مناطق لفرنسا منها مرسيليا وتولون ولابروفانس...
وبهذه المناسبة ألقى الجنرال ديغول كلمة قال فيها:
جلالة الملك محمد الخامس أنني اقدم في شخصكم جزيل الشكر للشعب المغربي الباسل اثر عزيمتكم القوية ومساعدتكم لنا، فلولاكم يا صاحب الجلالة ولولا جيشكم الشجاع لما حررت بلادي من النازية الألمانية..
و بعد نهاية الحرب العالمية الثانية انتقلت شرارتها الى المستعمرات حيث تعد حرب الهند-الصينية او "لاندوشين" كما كان أجدادنا يسمونها تعد واحدة من اقوى الحروب شراسة بين فرنسا و حلفاءها من جهة و مستعمراتها بجنوب شرق آسيا (لاوسو كمبوديا وفيتنام) و اليابان و الصين وروسيا من جهة اخرى،و قد شهدت بدورها مشاركة الجنود المغاربة الى جانب فرنسا و انتهت سنة 1954 باستقلال الدول الثلاث(لاوسو كمبوديا وفيتنام)
4- الزوى و ثورة الملك والشعب
إبان الاستعمار،و بعد نفي السلطان محمد الخامس تأجج الوضع في جميع انحاء المملكة و الجهة الشرقية لم تكن الاستثناء بحيث خرج الشعب في مظاهرات حاشدة بالمدن خاصة،إلا أن القرى كانت بمثابة الدعم الخلفي للمقاومة باعتبارها مناطق وعرة يلجأ اليها رجال المقاومة للاختباء و اعداد الخطط،ولقد فطن المستعمر لذلك و حاول بكل الوسائل مراقبة الطرق و البوادي حيث تحكي لنا احدى الزاويات المسنات أطال الله في عمرها و هي من أولاد المحجوب أنها عندما تم نفي محمد الخامس عايشت مواجهات دامية وهي صغيرة آنذاك بكل من منطقة تافراطة والظهراء حيث عاينت بأم عينيها مواجهة ضاربة بين قواة الاحتلال و بعض أفراد قبيلة الزوى بمنطقة تافراطة حيث راح ضحية المواجهة الاخوين (عبدالقادر و المهدي اولاد الصغير بن احمد) على يد عسكري فرنسي اسمه "ganda" و قد تم دفنهم بمقبرة الصباب رحمهم الله ،ويشهد للمهدي بالشجاعة و البسالة حيث كانت نساء القبيلة يتغنون به ""ديرو يا ناس روضة و اطحاو تعرگبو عليه" و كانت لهما أخت بألف رجل تدعى "حنة عيشوبة" وهي عيشوبة بنت الصغير بن أحمد،ما فتأت تقدم لاخوانها و لرجال المقاومة الدعم و المساندة..ونظرا لمكانتها في الدوار اصبح الكل يناديها بحنة عيشوبة بما فيهم أحد اليهود كان من الجيران.. ، كما ذكرت لنا (المسنة الزاوية)بعض مابقي عالقا في ذهنها من تلك الاحداث ان المروحيات الفرنسية كانت تحوم بشكل دوري على الخيام و على الرحل و تقترب منهم بشكل مفزع ...مما كان يثير الذعر في نفوسهم و أنها هي اي المتحدثة و زوجها رحمه الله استقبلوا ذات ليلة بخيمتهم مجموعة من "الجيش" -اعتقد انها تقصد بهم جيش التحرير- بمنطقة الجبل الاخضر بالظهراء،حيث افرغوا الخيمة من مستلزماتها و رحبوا بالضيوف الذين مكثوا ساعات قليلة و ذهبوا قبل طلوع الفجر ...،إن أفراد قبيلة الزوى رجالا و نساءا مافتئوا يقدمون الغالي والنفيس من أجل الوطن....طالبين من الله ان يرحم امواتنا الابرار و ان ينزلهم منزلة الشهداء وهو على كل شيء قدير...
5- مشاركة بعض افراد القبيلة سلميا(المسيرة الخضراء) وعسكريا(ضد مرتزقة البوليزاريو)من أجل تعزيز وحدة المغرب بعد الاستقلال
في يوم 16 أكتوبر من سنة 1975 أعلن المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه عن تنظيم أكبر مسيرة سلمية في التاريخ مكنت من تحرير الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وقد وضعت هذه المسيرة السلمية حدا لنحو ثلاثة أرباع قرن من الاستعمار والاحتلال المرير لهذه الأقاليم ومكنت المغرب من تحقيق واستكمال الجزء الأكبر من وحدته الترابية.
فبعد أن بتت محكمة العدل الدولية بلاهاي في ملف المغرب، وجاء رأيها الاستشاري معترفا للمغرب بحقه في صحرائه مؤكدا على وجود روابط قانونية وروابط بيعة متجذرة كانت دائما قائمة بين العرش المغربي وأبناء الصحراء المغربية، أعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه عن تنظيم مسيرة خضراء لاسترجاع الصحراء وتحريرها.ففتحت العمالات مكاتبها لتسجيل المتطوعين في جميع انحاء المغرب، و لم تكن عمالة وجدة آنذاك استثناءا بل انخرطوا ساكنيها و ساكني نواحيها في التسجيل في لوائح المتطوعين،وكان منهم العديد من افراد قبيلة الزوى رجالا ونساءا و من بينهم :
-عبد السلام ولد احمد بالحاج من دوار اولاد السي الحاج جماعة اولد امحمد
-ادريس الميعادي من دوار اولاد الصغير
-بليماني لحمر و اد بنهاشم من دوار اولاد الصغير
- جيلالي من دوار اولاد بوزيان
-اولاد بلخير : بالرحال والميلود دوار اولاد المحجوب
وهناك عدة افراد آخرين منهم من ماتوا رحمهم الله و منهم من لازالوا على قيد الحياة أطال الله في عمرهم،وبهذه المشاركة المتميزة لعناصر من الزوى تكون القبيلة قد شاركت في مختلف المحطات النضالية السلمية و المواجهات العسكرية التي خاضها المغرب دفاعا عن حوزته و عن حلفاءه.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل واصل شباب القبيلة المشوار على نهج السلف الصالح،وهذه المرة عسكريا في اطار الحرب التي واجه فيها المغرب مرتزقة البوليزاريو منذ سنة 1976 الى سنة 1991 وقت التوصل الى حل وقف اطلاق النار و الدخول في مفاوضات سلمية تحت اشراق الامم المتحدة،فخلال هاته المدة(15 السنة) اندلعت 3 معارك كبرى تم الاصطلاح عليها، بامغالا 1 و2 و3 و خلفت خسائر بشرية في صفوف الطرفين قتلى،جرحى و اسرى حيث بلغ عدد الاسرى في سجون المرتزقة بمنطقة تندوف حوالي 2500 اسير مغربي كان من بينهم عسكري ابن عسكري من قبيلة الزوى ألا و هو #مصطفى_بيضي الذي راح ضحية الواجب الوطني و هو ابن سي محمد المخازني الذي تحدثنا عنه سلفا،نسأل الله العلي القدير ان يجعله في اعلى عليين مع الشهداء والصالحين إن كان في اعداد الموتى و إن كان من اهل الدنيا اللهم عجل بلقاءه مع احبابه ....
6- مواصلة حفدة سيدي محمد بن احمد المشوار على نهج السلف الصالح خدمة للوطن
لكل زمن رجاله بهاته الجملة احببت ان أبدأ الحديث عن المحور الاخير من هذا الموضوع،إن القبيلة التى اعطت قدور كرزازي و سي محمد المخازني و المهدي ولد الحاج الصغير و عبد القادر ولد الحاج الصغير و عيشوبة بنت الحاج الصغير و القايد ادريس بلعسري و الشيخ احبيد العاشوري و ادريس الميعادي و لحمر ولد بنهاشم و عبد السلام ولد احمد بلحاج و جيلالي و الميلود و بالرحال و مصطفى بيضي ....اعطت من بعدهم جيلا آخر لم يكونوا أقل شأنا من سابقيهم و هم على سبيل المثال لا الحصر : الرايس المامون مبروك و أخوه تيجيني و الدحماني المداني و احمد بنعاشور ....رحمهم الله،وهناك جيل معاصر يصعب حصر عدده ...ندعوا لهم بالتوفيق والسداد خدمة للبلاد والعباد ..
في الختام أود أن أوجه كلمة شكر الى كل من ساعدني في إنجاز هذا البحث من قريب أو من خلال التعليقات،وأريد أن أقول بأن هذا الموضوع يبقى غير كاملا بل تشوبه نواقص عدة،فاتخدوه من فضلكم منطلقا للوصول الى ما يشفي الغليل و دمتم اوفياء لقبيلتكم و لوطنكم و لأمتكم ...و لا تبخلوا علينا و على هؤلاء الموتى بخالص الدعاء....Page/Tribu Zwa
full-width
