آخر الأخبار

الاثنين، 2 مارس 2020

حياة مهاجر في بلاد الاندلس

حياة مهاجر في بلاد الاندلس
الاثنين، 2 مارس 2020

حياة مهاجر في بلاد الاندلس

معا لنغير سلوكنا نرتقي و ترتقي أوطاننا


"محابن أحمد "من المهاجرين الأوائل الذين أثبتوا ان الهجرة لا تعني فقط العمل بالاجرة حتى التقاعد ولا تعني بالضرورة ان يرث أبناء المهاجرين آباءهم العمل في المناجم و البساتين و اوراش  البناء و قطاع النظافة و غيرها من المهن التي يتافف منها أبناء البلد المضيف.
محابن أحمد جرب كل القطاعات و استطاع ان يوفر مبلغا وفيرا يلج به الأعمال الحرة..كان تاجرا صادقا و كانت أمواله في زيادة..أما اولاده فكانوا ناجحين في دراستهم،فمنهم من تخرج بعد ذلك محاميا و كان الآخر صاحب شركة بمواصفات عالمية،أما اختهم الصغيرة فكانت طبيبة.كانوا، كلهم،طوع يديه..يجلونه، يقدرون صدقه في تجارته و نجاحه في إدارتها والذي كان يزيدهم تعلقا به،حسن معاملته مع والدتهم..كان  لا يرفض لها طلبا،يستمع إليها،يستشيرها..وكانت في مقابل ذلك تقدره،تفتخر به أمام كل زائر،تستاذنه في الصغيرة و الكبيرة..
محابن أحمد،يستحق التقدير،فهو يتصدق بطيب خاطر و لا يتأخر في إخراج الزكاة ثم إنه اكمل أركان الإسلام الخمسة رفقة زوجته..غير ان الذي كان يريبه و يثير أعصابه هو وصول إعلانات الضرائب بشكل منتظم و دائم..فهو يرى بأن هذه الأموال تسرق منه عنوة..و كانت الحاجة كثيرا ما تطيب خاطره بقولها:الحاج هاذاك راه حق المخزن فيجيبها بشيء من الانفعال:واه راهم يبكرو معاي او لا يعطيوني ثمن السلعة و الكراء. 
ذات مساء،رجع من العمل متعبا،وجد في صندوقه البريدي رسالة عليها عنوان يحفظه جيدا..إنه عنوان مصلحة الضرائب.فتح الرسالة قبل فتح باب المنزل،قرأ المبلغ الواجب أداؤه فانفعل أكثر من ذي قبل لأن المبلغ أكثر بكثير من ذي قبل ،طبعا لأن عقاره أكثر من ذي قبل...هذه المرة لم يدع الفرصة للحاجة ان تطيب خاطره،بل قال و هو يخاطب الحاجة :(الحيلة و لا العار..هذا ما بان لي.قالت الحاجة:كيفاش؟قال:نديرو كيما راهم يديرو بزاف الناس..راه الحاج "لخضر"مطالق هو و مراتو فالورق، كاريين لها و كيعطيوها فايت مليون فالشهر و الفرمليات يجيو عندها حتى الدار..و يسفطو لها اللي تشطب و تنظم كل أسبوع و مازال يعد لها نعم الطلاق الكاذب حتى اغمي عليها..ارتبك الحاج، إتصل بابنته الطبيبة و أخبرها، مر وقت قصير و إذا هي بالمنزل رفقة فريق إسعاف ثم بعد ذلك جاء اخوانها و أفراد من العائلة و الجيران..انتبهت الحاجة و اذا هي محاطة بحنان العائلة..تفقدت الحاج فوجدته الى جانبها الأيمن، احتضنها بعطف وقبل رأسها اعترافا بخطأه.ابتسم كل الحضور و قالوا بكلمة واحدة:(الله يشدلك فالحاج )،تفرق  الجمع و هم يهنؤون الحاجة بسلامتها..وبقي أولادها الى جانبها.كانت رسالةإنذار الضرائب مازالت قريبة من مسرح الجريمة،التقطها ابنه الأكبر، فتحها ثم نظر إلى أمه و هو يقول:الوالدة ياك ما خلعتك فلوس الضريبة..ابتسمت و اذا بالحاج أراد ان يعترف بسيناريو فيلمه في الغش، لكن الحاجة الزوجة الطيبة التي تعترف بكرم و طيبوبة زوجها رفعت عنه الحرج بقولها:اوليدي واش منمرضوش؟ضحكت و قالت لابنها واش اولدي أنت كتخلعك فلوس الضرائب..باك كنت انت عاد صغير دايمن يخلص الضريبة قبل ما يصفطيلو البرية..
أجاب الابن بالإيجاب و قال: ابي اضرب به المثل في الصدق و أداء واجبات الدولة،له الحق في ذلك،فاداء الضرائب واجب،يحمي من كل إفلاس و يضمن حقوق المتقاعد..و تدخل المحامي بقوله:التهرب الضريبي يعاقب عليه القانون..و الذي لا يؤدي الضرائب هو خائن كمثل الذي لا يؤدي الزكاة.كانت كل هذه الكلمات كسهام تخترق جسد و ضمير و عقل  الحاج"محابن أحمد".أما الذي كاد ان يعيد عليه اغماءة الحاجة،فقول ابنته الطبيبة :أبي من فضلك ،حاول ان تقنع عمي الحاج"لخضر"أن يراجع زوجته،فكل أبناءه غاضبون مما فعل و قد ارغم زوجته على ذلك وإلا سيطلقها حقيقة..هذا كله أخبرتني به ابنته المعلمة،أضافت و هي تتاسف :المشكل هو ان الناس كلهم يعلمون بأنه طلاق كاذب من أجل أموال الحرام..هذه الكلمة الأخيرة جعلت الحاج ينطق دون وعي:هذا حمار و شفار. 
هذا،إذن، مايستحقه المتحايلون على الأموال،سواء أموال الدولة او أموال الأفراد..إنهم لصوص ماتت ضمائرهم،وسموا الأوطان ببصمة عار.


رشيد فيلالي